أخر الاخبار

سبب وفاة مغنّي الراب التونسي كافون

 




وفاة مغني الراب التونسي كافون بعد صراع طويل مع المرض: خسارة فنية تهز الساحة التونسية

تونس – في صباح السبت 10 مايو 2025، فقدت تونس أحد أبرز وجوهها الفنية، بوفاة مغني الراب أحمد العبيدي، المعروف باسمه الفني "كافون"، عن عمر يناهز 43 عامًا. وأكد مدير أعماله خبر الوفاة في تصريح إذاعي، مشيرًا إلى أن الراحل فارق الحياة بعد تدهور كبير في حالته الصحية، نتيجة مرض نادر في الأوعية الدموية لازمه لسنوات.

الخبر انتشر بسرعة على وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، وتحوّل إلى مادة للصدمة والحزن بين جمهور الفنان ومتابعي الفن الحضري في تونس. لم يكن كافون مجرد مغنٍ، بل رمزًا لمرحلة موسيقية، وصوتًا لمعاناة طبقة شبابية عريضة ظلّت لسنوات تبحث عن تمثيلها في الأغنية التونسية.

صراع مع المرض وانتصار في الفن

كافون كان يعاني من مرض نادر يتمثل في ضيق حاد في شرايين القدمين، ما أدى إلى ضعف حاد في تدفّق الدم للساقين، وهو ما أجبره على إجراء عمليات بتر متكررة. في سنة 2017، خضع لأول عملية بتر، تلتها عملية ثانية في 2018. ورغم ذلك، لم يتوقّف عن الغناء والإنتاج الفني، متحديًا ظروفه الصحية ومجتمعًا أحيانًا لا يرحم.

في تصريح سابق له، كشف كافون أن مرضه لم يكن بسبب السكري أو السرطان كما رُوّج، بل نتيجة تراكمات صحية أثرت عليها عوامل مثل التدخين والمخدرات في مرحلة مبكرة من حياته. تحدث بجرأة عن ماضيه، ووجّه رسائل توعية لجمهوره الشاب حول مخاطر الإدمان والإهمال الصحي.

مسيرة موسيقية غيرت وجه الراب التونسي

دخل كافون الساحة الموسيقية بقوة منتصف العقد الأول من الألفية، لكنه بلغ ذروة شهرته في عام 2013 بأغنية "حوماني"، التي قدّمها بالشراكة مع الفنان محمد أمين الحمزاوي. الأغنية كانت أكثر من مجرد عمل فني؛ كانت صوتًا لأحياء كاملة، وناقشت الهامش والتهميش والانتماء والهوية، بلغة شعبية وواقعية.

منذ تلك اللحظة، أصبح كافون من رواد موسيقى الراب في تونس، وقدّم سلسلة من الأعمال التي رسّخت اسمه في وجدان جمهور واسع، خاصة فئة الشباب. من أبرز أعماله:

  • "معليش"

  • "الأيام"

  • "نحب نقلع"

تميّز كافون بأسلوب يمزج بين الجرأة والصدق، واعتمد لهجة تونسية دارجة قريبة من الناس، ما جعله محبوبًا حتى خارج دائرة عشّاق الراب.

تجربة تمثيلية لافتة

لم يقتصر حضور كافون على المجال الموسيقي، بل خاض أيضًا تجارب ناجحة في التمثيل. شارك في مسلسل "النوبة"، الذي اعتُبر من أهم الأعمال الدرامية التي تناولت الثقافة الموسيقية في الأحياء الشعبية. كما شارك في سلسلتي "رقوج 1 و2"، وأظهر قدرة تمثيلية عالية، ما فتح له بابًا جديدًا للتأثير الجماهيري.

هذا التداخل بين الموسيقى والدراما عزز من صورة كافون كفنان متعدد الأبعاد، لا يكتفي بأداء الأغاني، بل يسعى للتعبير عن هموم الشارع عبر جميع الوسائط الممكنة.

تفاعل واسع وردود فعل حزينة

أثار خبر وفاة كافون موجة من الحزن العارم بين زملائه في الوسط الفني، ومتابعيه من مختلف الأعمار والخلفيات الاجتماعية.

الجمهور عبّر عن حزنه بكثافة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تم تداول صور قديمة لكافون، ومقاطع من أشهر أغانيه، إلى جانب عبارات الأسى والتقدير.

تأثيره يتجاوز الأغنية

لم يكن تأثير كافون محصورًا في الموسيقى فقط. بل كان صوته صدى لحياة شباب محبطين، يبحثون عن فرصة، عن عمل، عن وطن يسمعهم. تجرأ حيث لم يتجرأ غيره، وتحدث عن الفقر، البطالة، الغربة، وعن نظرة المجتمع إلى من يعيش في "الحومة" أو الهامش.

ظلّ طوال مسيرته قريبًا من جمهوره، لا يسعى للترف، ولا للمهرجانات الكبرى، بل ظل وفياً لأماكنه الأولى: الحي، الحفلة الصغيرة، الميكروفون البسيط.

ماذا بعد كافون؟

برحيل كافون، تخسر تونس واحدًا من الأصوات القليلة التي تحدثت بلغة الشارع بصدق. يطرح غيابه سؤالًا كبيرًا: من سيواصل المسار؟ ومن سيتحدث عن نفس القضايا بنفس الصدق والبساطة؟

في ظل تزايد نجوم الراب التجاري، يفتقد المشهد التونسي اليوم فنانًا من طراز نادر، لم يكن يبحث عن الأرقام، بل عن التأثير.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-