كايلي جينر: هل تراجعت "الأخت الفاشلة" في إمبراطورية كارداشيان؟
في عالم تسيطر عليه الشهرة والثروة، برزت عائلة كارداشيان-جينر كظاهرة عالمية، حيث تحولت كل فردة فيها إلى علامة تجارية بحد ذاتها. لكن وسط هذا البريق، كانت كايلي جينر، الأخت الصغرى، هي من خطفت الأضواء في فترة من الفترات، معلنة نفسها "أصغر مليارديرة عصامية" في العالم. فجأة، انقلبت الموازين، وبدأت التساؤلات تتوالى: هل أفلست كايلي جينر؟ لماذا تحاول بيع قصرها بأقل من سعر شرائه؟ وما الذي حدث للأخت التي كانت تُعتبر الأكثر نجاحًا في عائلتها؟
من "الأخت القبيحة" إلى أيقونة الجمال: تحول كايلي جينر
ولدت كايلي جينر في عائلة مشهورة وغنية، حيث فتحت عينيها لتجد نفسها تحت الأضواء، مع أم مستعدة لفعل أي شيء لضمان الشهرة والثروة لبناتها. في البداية، لم يكن لكايلي مكان واضح في عائلة كارداشيان. لم تكن تتمتع بجمال أختها كيندال الطويلة والرشاقة التي مكنتها من دخول عالم عروض الأزياء بسهولة. بل كانت تُلقب أحيانًا بـ"الأخت القبيحة" في العائلة.
لكن مع مرور الوقت، بدأت شخصية كايلي تبرز. بدأت تنشر مقاطع على وسائل التواصل الاجتماعي، وتُظهر جانبًا جديدًا من حياتها، حيث أحبها الناس لعفويتها وخفة دمها، مما ميزها عن أخواتها. ومع تقدمها في العمر، بدأت كايلي في إجراء عمليات التجميل. وعلى الرغم من أنها لم تعترف بذلك في البداية، إلا أن التغيير كان واضحًا. تحولت كايلي من "الأخت القبيحة" إلى "أيقونة الجيل".
فبينما كانت أخواتها الأكبر سنًا (كيم، كلوي، كورتني) قد رسخن مكانتهن، بدأت كايلي وكيندال في جذب الجيل الجديد. لكن المظهر الذي اعتمدته كايلي كان متماشيًا تمامًا مع الترندات السائدة آنذاك. فبينما كان على كيندال، كعارضة أزياء، أن تحافظ على جسد نحيف وملامح معينة، قامت كايلي بنفخ كل شيء تقريبًا: شفاهها، وجسمها بالكامل، وبدأت تضع مكياجًا ثقيلًا. في عام 2015، كانت جميع الفتيات يرغبن في تقليد مظهرها، لدرجة انتشار تحدي "شفاه كايلي جينر"، حيث كان الناس يضعون شفاههم في كؤوس أو حتى مكانس لتكبيرها، مما أدى إلى دخول بعضهم المستشفيات بسبب هذا التحدي الخطير.
صعود "كايلي كوزمتكس": قمة النجاح الوهمي
لم يتفاجأ أحد عندما أطلقت كايلي شركتها الخاصة للمكياج، "كايلي كوزمتكس" (Kylie Cosmetics)، والتي بدأت بـ"أطقم الشفاه" (Lip Kits) التي كان من المفترض أن تمنح شفاهًا مشابهة لشفاه كايلي جينر. تسببت هذه المنتجات في ضجة كبيرة فور نزولها، مما دل على قوة شهرتها آنذاك. الدفعة الأولى من المنتجات نفدت في دقيقتين فقط، لكن الحقيقة أنها كانت غالبًا حركة تسويقية ذكية، حيث لم يتم طلب كمية كبيرة في الأساس، بهدف إثارة شعور الندرة ودفع الناس للشراء بسرعة.
في عام 2016، حققت "كايلي كوزمتكس" مبيعات ضخمة وصلت إلى 160 مليون دولار. وبعد سنوات قليلة، في عام 2019، باعت كايلي 51% من حصتها في الشركة مقابل 600 مليون دولار. بدت هذه الصفقة وكأنها تتويج لنجاح كايلي، ودفعت مجلة فوربس إلى إعلانها "أصغر مليارديرة عصامية" (Self-Made Billionaire) في العالم، بثروة تقدر بمليار دولار وهي في الحادية والعشرين من عمرها فقط.
بداية السقوط: فضيحة فوربس وتراجع السمعة
لكن ما يصعد يجب أن يهبط. كانت هذه الصفقة بداية تراجع كايلي لعدة أسباب. أولًا، عندما باعت حصتها الأكبر في الشركة، فقدت السيطرة على قرارات منتجاتها، وأصبحت الشركة تتحكم في كل شيء بهدف الربح فقط. وبطبيعة الحال، لم يعد المعجبون متحمسين للشراء من شركة لم تعد تمثل كايلي شخصيًا، بل مجرد اسمها.
ثانيًا، أثار لقب "مليارديرة عصامية" جدلًا واسعًا. فقد اعترض الكثيرون على هذا اللقب، مؤكدين أنها لم تبدأ من الصفر، بل ولدت في عائلة مشهورة وغنية، على عكس شخصيات مثل هدى بيوتي التي بدأت مسيرتها من العدم. وبعد أن أصبح الناس ينظرون إليها كمليارديرة، تغيرت صورتها أمام الجمهور، حيث لم تعد الفتيات العاديات يرين أنفسهن فيها، مما أضعف العلاقة بينها وبين قاعدتها الجماهيرية.
السبب الثالث، والأكثر تأثيرًا، جاء بعد فترة عندما تراجعت مجلة فوربس عن تصنيفها، وقالت إنها "انخدعت" من قبل عائلة جينر-كارداشيان. اكتشفت فوربس أن كايلي لم تكن مليارديرة بالفعل، وأن العائلة قد قامت بتغيير في أوراق الضرائب لتبدو أغنى. هنا، بدأت سمعتها في التدهور بشكل كبير. ومع مرور السنين، أصبح الجمهور أكثر وعيًا باللعبة التسويقية. أدرك الناس أن مجرد وجود اسم مشهور على منتج لا يعني أن الشخص المشهور هو من صنعه أو أن جودته عالية. على سبيل المثال، كانت "أطقم الشفاه" الخاصة بكايلي تباع بسعر مرتفع، بينما كانت هناك منتجات أخرى لا تختلف عنها في الجودة، وتُصنع حرفيًا في نفس المصنع، وتباع بنصف السعر.
وفوق كل ذلك، عندما أصبحت منتجات "كايلي كوزمتكس" متوفرة في المتاجر الكبرى وليس فقط عبر الإنترنت بكميات محدودة، تمكن أي شخص من تجربتها، وليس فقط المعجبين. وهنا، اكتشف الكثيرون أن جودة المنتجات كانت سيئة ولا تستحق سعرها. بعد كل هذه المشاكل، بدأت مبيعات الشركة تتناقص عامًا بعد عام. لا يتوقع الكثيرون أن تكون الشركة قد حققت أرباحًا في عام 2024، بل من المرجح أنها تخسر الأموال، لأنها تصنع نفس المنتجات بناءً على ترند قديم، ولا تتماشى حتى مع مظهر كايلي الجديد.
مشاريع فاشلة متتالية: تدهور مستمر
اليوم، تقلل كايلي من المكياج، وأصبحت شفاهها أصغر، وأسلوبها أكثر طبيعية، لكن هذا لم ينعكس على منتجات "كايلي كوزمتكس". وبدلًا من أن تجتهد كايلي بنفسها وتطور منتجات تتماشى مع ذوقها والموضة الحالية، قررت إطلاق منتجات مختلفة الواحد تلو الآخر دون تعب أو تفكير، وكل مشروع جديد كان أسوأ من سابقه.
في عام 2019، أطلقت كايلي خط "كايلي سكين" (Kylie Skin) للعناية بالبشرة، لكن التقييمات كانت سيئة للغاية. على سبيل المثال، كان هناك مقشر للوجه تبين أنه ضار ويجرح البشرة، واشتكى الناس من أن بشرتهم أصبحت أسوأ بعد استخدامه.
بعد ذلك، في عام 2021، قررت كايلي إطلاق علامتين تجاريتين مختلفتين تمامًا في نفس الوقت. الأولى كانت "كايلي بيبي" (Kylie Baby) للعناية بالبشرة والشعر للأطفال، والتي فشلت بشكل كبير لأن الأمهات لم يثقن فيها، ولأن معظم جمهورها من الفتيات الصغيرات اللواتي لم يصلن بعد إلى مرحلة الأمومة.
لكن كل هذا لا يقارن بـ"كايلي سويم" (Kylie Swim)، وهي ماركة ملابس سباحة أطلقتها في نفس الشهر. كانت هذه أكبر فضيحة لها، لدرجة أن الشركة اختفت حرفيًا من الوجود، حتى حسابها على إنستغرام تم حذفه. كان هذا المشروع يمكن أن ينجح معها، لأنها لطالما نشرت صورًا لها بالبكيني والمايوهات على إنستغرام. لكنها كانت تبيع القطعة بـ 80 دولارًا، وعندما وصلت المنتجات للناس، صُدموا بالجودة الرديئة، لدرجة أن المايوهات كانت شفافة. كان واضحًا أن كايلي لم تبذل أي مجهود في المنتج، وخدعت معجبيها مرة أخرى، وأخذت أموالهم دون توفير منتج يستحق.
بسبب هذا الفشل المتتالي، لم نسمع عن أي مشروع جديد لكايلي لفترة طويلة. ثم في عام 2023، عادت بمشروع جديد: شركة ملابس باسم "كاي" (Khy). لكن بعد كل ما حدث، لم يتحمس لها أحد، ولم نسمع عنها كثيرًا. وفوق ذلك، اتهمتها إحدى المصممات بسرقة تصميم فستانها. يبدو أن القطع كانت عشوائية وغير متناسقة، مما يدل على عدم وجود رؤية واضحة للماركة. كما أظهرت تجارب الناس على تيك توك أن الملابس لا تناسب معظم الأجسام.
مرة أخرى، بدلًا من التركيز وتصحيح أخطائها وتحسين جودة الملابس، أعلنت كايلي بعد بضعة أشهر فقط، في مارس 2024، عن عطرها الجديد "كوزميك" (Cosmic)، وبعد أسابيع قليلة، أطلقت ماركة مشروب كحولي باسم "سبرينتر" (Sprinter). لا أحد يفهم هذا التشتت؛ فجأة عطر، فجأة مشروب، فجأة ملابس.
الوضع الحالي: هل هي مفلسة؟ ومقارنة مع الأخوات
بسبب هذا التشتت والفشل المتتالي، بدأ الناس يقولون إن كايلي مفلسة وتحاول تجربة كل شيء لجلب المال. بالطبع، كايلي ليست فقيرة بالمعنى الحرفي للكلمة، لكن مشكلتها أنها بنت سمعتها على حياة الرفاهية المبالغ فيها: الطائرات الخاصة، القصور، السيارات الفاخرة. وإذا فشل كل مشروع تطلقه، فلن تتمكن من الاستمرار على هذا المستوى. والدليل على ذلك أنها اضطرت للقيام بإعلان "بايخ" جدًا للعبة جوال على إنستغرام، وهي تبيع القصر الذي تملكه مع زوجها السابق ترافيس سكوت، وتخفض سعره باستمرار، لكن لا أحد متأكد ما إذا كانت تريد التخلص منه بسبب انفصالها أم أنها حقًا بحاجة إلى المال.
إذا قارنا كايلي بأخواتها، سنرى فرقًا كبيرًا. سواء أحببت عائلة كارداشيان أو كرهتها، فإن كل واحدة منهن ركزت على مشروع محدد، واختارت شريكًا تجاريًا يفهم عمله، وعملت بجدية على تطوير منتجاتها على مدى سنوات. على سبيل المثال، "سكيمز" (Skims) لكيم كارداشيان، أو "لومي" (Lemme) لكورتني، أو خط الجينز "جود أمريكان" (Good American) لكلوي.
يجب على كايلي أن تتعلم من أخواتها أن الشخص لا يستطيع كل يوم أن يضع اسمه على منتج جديد "أي كلام" ويتوقع أن يستمر في النجاح. فمثل هذه التصرفات تبني سمعة سيئة مع الجمهور. لقد أصبح الناس أكثر وعيًا، والاقتصاد العالمي في تراجع، ولا أحد يرغب في إضاعة أمواله على منتجات لا تستحق. لذلك، يجب على كايلي إما أن تختفي وتعيش حياة هادئة مع أولادها، أو أن تبدأ في بذل مجهود جدي على مشروع تهتم به حقًا، وتركز على الجودة والابتكار لتعيد بناء ثقة جمهورها.