JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

إيقاف "الغرفة المزدوجة" وأسرار الريتنج التركي: لماذا تفشل المسلسلات رغم المبيعات العالمية؟

 




إيقاف "الغرفة المزدوجة" وأسرار الريتنج التركي: لماذا تفشل المسلسلات رغم المبيعات العالمية؟

صناعة الدراما التركية، على الرغم من ازدهارها ونجاحها العالمي المتزايد، تحمل في طياتها جانبًا مظلمًا وغير متوقع للكثيرين: سهولة وقسوة قرار إيقاف المسلسلات. هذا الأسبوع، تلقى مسلسل "الغرفة المزدوجة" (Çift Oda) ضربة موجعة بإيقافه عند الحلقة الثامنة، وهو قرار قد يبدو مفاجئًا للبعض، خاصة وأن المسلسل حقق مبيعات دولية جيدة. لكن هذا الإيقاف يُسلط الضوء على الآليات المعقدة وغير المعلنة التي تحكم استمرارية أو انتهاء أي عمل درامي في تركيا، ويكشف أسرار "الريتنج" (Ratings) وأهمية الإعلانات المحلية في تحديد مصير الإنتاجات الضخمة.

في تركيا، يُعد "الريتنج الأسبوعي" هو الحاكم المطلق لمصير أي مسلسل. القنوات التركية تعتمد بشكل كبير على نسب المشاهدة المحلية لتحديد جدوى استمرار عرض المسلسل. في حالة "الغرفة المزدوجة"، كان قرار الإيقاف بسبب نسب المشاهدة غير المرضية لقناة "ناو" (NOW). على الرغم من أن المسلسل قد يكون قد حقق مبيعات دولية جيدة، مما يعني أنه تم بيع حقوق عرضه لشبكات وقنوات خارج تركيا، إلا أن هذه المبيعات لم تكن كافية لضمان استمراريته في السوق المحلي من وجهة نظر القناة وشركة الإنتاج.

السبب الجذري لذلك يعود إلى النموذج الاقتصادي لصناعة التلفزيون في تركيا. من النادر جدًا أن يستمر المسلسل معتمدًا فقط على الأرباح التي يحققها من المبيعات الدولية. فالأهم دومًا لاستمرارية المسلسلات هو العائد من الإعلانات التي تُعرض أثناء بث المسلسل في تركيا. هذه الإعلانات، التي تُدفع من شركات ومنتجات محلية وعالمية تستهدف الجمهور التركي، هي المصدر الرئيسي للتمويل الذي يغطي تكاليف الإنتاج الباهظة ويضمن أرباحًا للقناة والشركة المنتجة.

بمعنى آخر، الإعلانات من داخل تركيا هي التي تُساهم بشكل مباشر وأكبر في نجاح المسلسل واستمراريته. فإذا كانت نسب المشاهدة المحلية منخفضة، فإن المعلنين لن يكونوا مهتمين بعرض إعلاناتهم خلال وقت بث المسلسل، وبالتالي يقل العائد المالي على القناة. وقلة عائد الإعلانات من داخل تركيا تؤثر بشكل مباشر وفوري على نجاح المسلسل وقدرته على الاستمرار. هذا ما حدث، على سبيل المثال، مع مسلسل آخر هو "ليلى" (Leyla)، حيث لم تُعرض أحدث حلقة منه في أحد الأيام بسبب عدم وجود معلنين يرغبون في عرض إعلاناتهم خلال وقت بث المسلسل. هذه الحادثة تُظهر مدى حساسية القنوات لتدفق الإيرادات الإعلانية.

هذا النظام يُبرز التحديات الكبيرة التي تواجهها شركات الإنتاج التركية. فبينما تسعى لإنتاج أعمال فنية ذات جودة عالية وقصص جذابة لجذب الجماهير العالمية وتحقيق مبيعات دولية، يجب عليها في الوقت نفسه أن تُرضي الجمهور المحلي والقنوات التركية بنسب مشاهدة عالية ومستقرة. إنها معادلة صعبة، حيث يمكن لمسلسل أن يُشاهد ويُحب في عشرات الدول حول العالم، لكنه يُحكم عليه بالإيقاف في وطنه الأم بسبب عدم تحقيق أرقام "الريتنج" المطلوبة محليًا.

أحد أسباب هذه القسوة في قرارات الإيقاف هو التنافس الشديد بين القنوات التركية، وكثرة الإنتاجات المعروضة في كل موسم. كل قناة تسعى لجذب أكبر عدد من المشاهدين والمعلنين، ولا تتردد في التخلص من المسلسلات ذات الأداء الضعيف لتوفير ميزانية لعرض أعمال جديدة قد تكون أكثر نجاحًا. هذا يخلق بيئة عالية المخاطر للممثلين والطواقم الفنية وشركات الإنتاج على حد سواء. فالمسلسل الذي يبدأ بتوقعات كبيرة قد ينتهي فجأة بعد بضع حلقات فقط، تاركًا خلفه استثمارات ضخمة لم تُسترد بالكامل، وفريق عمل بدون مشروع.

بالإضافة إلى العائد الإعلاني المباشر، تلعب ثقافة المشاهدة التركية دورًا. فالجمهور التركي يميل إلى متابعة المسلسلات في وقت البث الأصلي على التلفزيون، مما يؤثر بشكل مباشر على أرقام الريتنج. ورغم انتشار المنصات الرقمية ومواقع البث، لا يزال البث التلفزيوني المباشر هو المعيار الذهبي لقياس النجاح في تركيا. هذا يختلف عن العديد من الأسواق العالمية حيث يمكن للمسلسلات أن تحقق نجاحًا كبيرًا على منصات البث حتى لو لم تكن أرقامها مرتفعة في البث التلفزيوني التقليدي.

في الختام، قصة إيقاف "الغرفة المزدوجة" هي تذكير صارخ بأن صناعة الدراما التركية، رغم بريقها العالمي، تخضع لقواعد صارمة ومعقدة في سوقها المحلي. إنها سوق لا يرحم الفشل في تحقيق نسب المشاهدة المطلوبة، حتى لو كان المنتج يحقق أرباحًا من مبيعاته الدولية. هذا يُجبر المنتجين والمخرجين والممثلين على الموازنة الدقيقة بين الجودة الفنية والجاذبية العالمية من جهة، وبين متطلبات السوق المحلي والجمهور التركي من جهة أخرى، لضمان استمرارية أعمالهم في وجه التحديات المستمرة للريتنج والإعلانات.

الاسمبريد إلكترونيرسالة